emadon Admin
عدد المساهمات : 233 تاريخ التسجيل : 05/10/2011
| موضوع: وصايا رسول الله لنا في الهرج والمرج الثلاثاء نوفمبر 22, 2011 11:57 pm | |
| الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك. سبحانك اللهم لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله. خير نبي أرسله. أرسله الله إلى العالم كلِّهِ بشيراً ونذيراً. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين. وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى. أما بعد فيا عباد الله:
عهدي بهذا المسجد أن يكون في مثل هذه الساعة من كل أسبوع فَيَّاضاً بأهله، متلألأً بوجوه المصلين فيه، فما لي أراه اليوم موحشاً، ما لي أراه اليوم فارغاً من رواده، ما لي أراه في صمتٍ يترجم الأسى ويترجم معنى من معاني اليتم، لعل السبب يا عباد الله هو أن المصطفى صلى الله عليه وسلم أخبرنا بما أكرمه الله به من وحي ينبئ عن الماضي السحيق وعن الحاضر وعن المستقبل البعيد أيضاً وصف لنا الحالة التي نمر بها اليوم أدق وصف، ثم إنه نَصَحَنَا وأمرنا بما ينبغي أن نفعل فكانت الكثرة فينا مَنْ أعرض عن نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصغى السمع إلى العدو المشترك الذي يتربص بنا الدوائر فكانت العاقبة هذا الذي ترون.
تعالوا أحدثكم عن طائفة مما وصف به رسول الله حالنا اليوم لنزداد إيماناً بنبوته ولنزداد يقيناً بأنه معنا اليوم في مشاعره وفي ما أطلعه الله عليه من حالنا وإن لم يكن معنا بجسمه:
يقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم من حديث أبي سعيد الخدري: (لتتبعن سنن من قبلكم – أي الروم شبراً بشبرٍ وذراعاً بذراع حتى لو دخل أحدهم جحر ضبٍّ لدخلتموه) وفي رواية للحاكم في مستدركه بسندٍ صحيح بزيادة: (ولو أن أحدهم جامع أمه في الطريق لفعلتموه). هذا وصف مما ذكره الله لحال أمتنا اليوم.
ويقول أيضاً فيما رواه مسلم: (أما إنها ستكون فتن من بعدي لا يعلم القاتل فيها فيما قَتَل ولا يعلم المقتول فيها فيما قُتِل) قيل له: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: (إنه الهرج) – أي القتال العشوائي – والقاتل والمقتول في النار).
واسمعوا ما يقوله صلى الله عليه وسلم وكل ذلك في الصحيح: (سألتُ ربي لأمتي ثلاثاً فأعطاني اثنتين ومنعني الثالثة، سألته ألا يهلك أمتي بسنة – أي لا يقضي عليها جمعاء بمجاعة – فأعطانيه، وسألته ألا يهلك أمتي بجائحة – بغرق – فأعطانيه، وسألت ربي ألا يجعل بأس أمتي فيما بينها فمنعنيه – منعني ربي ذلك- وتلا قول الله سبحانه وتعالى:
(قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ، وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ ، لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ }[الأنعام : 65-67].
هذه طائفة مما وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلاله حالنَا. أما الأمر، أما النصيحة التي انطلق منها إلينا رسول الله بدافع حبه، بدافع شفقته فإليكم طائفة مما ذكر.
يروي مسلم في صحيحه أيضاً – وغيره – عن المصطفى صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة: (أما إنها ستكون فتنٌ بعدي القاعد فيها خير من الماشي والماشي خير من الساعي إليها، فإذا نزَلَتْ بكم فليلحق صاحب إبلٍ بإبلهٍ وصاحب غنم بغنمه وصاحب أرضٍ بأرضه)، قال له قائل: أرأيت يا رسول الله رجلاً ليس له غنم ولا إبل ولا أرض؟ قال: (يعمد إلى سيفه فيدق حدَّهُ بحجر ثم يعتزل تلك الفرق حتى يأتيه الموت وهو على تلك الحال).
يروي أبو داود وابن ماجه والترمذي وآخرون عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا رأيت شحاً مطاعاً وهوى متبعاً ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العامة).
واسمعوا هذا الذي يرويه البخاري ومسلم من حديث حذيفة بن اليمان قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، قلت له: يا رسول الله لقد كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، قلت: فهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم وفيه دَخَن – في ذلك الخير دَخَن – قلتُ وما دَخَنُهُ؟ قال: قوم يستنون بغير سنتي ويهتدون بغير هدي، تعرفون منهم وتنكرون، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، أناس على أبواب جهنم يدعون إليها فمن استجاب قذفوه فيها، قلت: فما تأمرني يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: تَدَعُ تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك).
هذه طائفة من نصائح رسول الله صلى الله عليه وسلم مبنية على ماذا؟ على رؤيةٍ دقيقة مَتَّعَهُ الله عز وجل بها، ولقد أنبأنا أنه في موقف من المواقف أُرِيَ كل ما ستمر به أمته إلى يوم القيامة.
هذه النصائح إنما انبثقت من هذا الوصف، من هذه المعرفة التي أطلعه الله عز وجل عليها.
فيا عباد الله: زبدة هذا الذي أقوله لكم أوجهه نصحاً إلى نفسي وإليكم جميعاً، ما لنا نسينا صلتنا برسول الله، ما لنا نسينا شفقة رسول الله علينا، ما لنا أعرضنا عن نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصغينا السمع إلى أعدائنا الذين يتربصون بنا الدوائر، الذين يرسمون الخارطة المستقبلية لهذا البلد، خارطة رآها من رآها، خارطة التقسيم والتبضيع لهذه الأمة بل لهذه البلدة.
نعم، قال قائل لي: إن قول رسول الله في الحديث الذي ذكرت (إذا رأيت شحاً مطاعاً وهوى متبعاً) على أن قال: (فعليك بخاصة نفسك) هذا أمر سلبي ونحن أن نكون في الموقف الإيجابي. فما الجواب أيها الأخوة عن هذا السؤال الذي ينبئ عن جهل عجيب؟
قلت: هل وجَّهَ رسول الله هذه النصيحة لشخصٍ واحد أم وجهها لكل أفراد أمته رجالاً ونساءً؟ وجهها لأفراد أمته جميعاً حسناً.
إذا أصغى السمع كل واحدٍ واحدٍ من أفراد أمته إلى هذا، عادة إلى خاصة نفسه يراعاً ويحرسها وابتعد عن عواصف تلك الفتن المختلفة، إلام يؤول الأمر؟ سيظهر رواد الفتنة منفردين ظاهرين، لا يتأتى لهم أن يندسوا وسط هذه الأمة التي بايعت المصطفى صلى الله عليه وسلم . هذه نصيحة لا يهمس رسول الله بها في أذن فرد بل هي وصية شاملة عامة للمسلمين – بل لهذه الأمة جمعها، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
| |
|